الورق

يُصنع الورق من خلال تشكيل بطانة وبرية من ألياف متشابكة. ويتم عمل ذلك بتمرير مزيج من الألياف السائلة خلال منخل. وعندما يتم تصفية الماء، تؤخذ الصفحة من المنخل وتُترك لتجف. ونظراً لأن الألياف مصنوعة أساساً من مادة السليولوز (المكون البنائي الأساسي لجدران الخلايا النباتية), فإن تفاعلها مع الماء والتصاقها ببعضها البعض يؤدى إلى القوة والمرونة التي تميز الورق.

كان الصينيون يصنعون الورق البدائي من لحاء الأشجار المنقوع، والنباتات، والأعشاب عام 105 بعد الميلاد، وقد تم التوصل إلى التغرية (حشو سطح الورق للحد من انتشار الحبر) الصين بحلول عام 700 بعد الميلاد. وانتقل فن صناعة الورق من الصين إلى كوريا واليابان، ثم إلى العالم العربي، حيث استُخدِمت الأسمال البالية لأول مرة كمادةً خام للألياف.

وعندما وصلت صناعة الورق إلى أوروبا، ظهرت بدايات الميكنة مع الاستخدام الأول لآلة السحق، وهي آلة استُخدمت من أجل الإسراع أكثر بعملية نقع الأسمال وتحويلها إلى عجينة. وبحلول عام 1495 مورست صناعة الورق في جميع أنحاء أوروبا. وقد استُخدمت مادة الجيلاتين كمادة تغرية لأول مرة عام 1337، وقد تم إنتاجها بصفتها غراء حيواني من الجلود والقرون الأظلاف. وكان الورق النهائي يغمر في محلول ساخن من مادة الجيلاتين للحصول على منتج نهائي أملس وثابت ولتقوية الورق وجعل صبغات السطح والأحبار أقل قابلية للانتشار. وقد أدت ميكنة إنتاج الورق في أوائل القرن التاسع عشر إلى ظهور مجموعة كبيرة ومتنوعة من أشكال الورق، خصوصاً بعد استخدام عجينة الخشب الميكانيكية.

التعرف

من السهل نسبياً التفريق بين الورق والمواد الأخرى، ولكن من الصعب تحديد أنواع معينة من الورق. وبالنسبة للورق الحديث المطبوع، فعادةً ما يكون تاريخ الإنتاج هو أفضل وسيلة للتعرف على نوع الورق. غير أن هنالك كثير من المجموعات، خصوصاً بعد عام 1820، عندما كان يتم اختبار العديد من الألياف (بدايةً من القش وحتى عشب الحلفاء)، وعندما استُخدمت مجموعات مختلفة من مواد التبييض والعوامل المساعدة على تغرية الورق الكيميائي. وتؤدى هذه المجموعات إلى تعقيد التعرف على الورق، بحيث لا يكون التحديد الدقيق ممكناً إلا‏ من خلال التحليل الكيميائي وتحليل الألياف فقط.

ويختلف الورق المصنوع بالآلات عن الورق اليدوي الصنع فى عديد من الأوجه، ولكن انتظام الألياف هو أكثر هذه الأوجه لفتاً للنظر. ففي الورق اليدوي الصنع، يتسبب غمر مناطق العفن أو su (باليابانية) في السائل المعلق المكون من الماء والألياف مع رجّ الماء وترشيحه باستخدام مصفاة، فى تشابك الألياف عشوائياً مما يزيد من قوة الورق. وعلى عكس ذلك، يتم إنتاج الورق المصنوع باستخدام الآلات على أسطوانة دائمة الدوران، وتتسبب حركة دوران الآلة فى محاذاة الألياف لبعضها البعض في اتجاه واحد، مما يجعل الورق أضعف بعض الشيء على طول "اتجاه الألياف," أو اتجاه الآلة. ويوجد اتجاه الألياف هذا في المنتجات الورقية الأخرى، مثل الكرتون والحافظات.

الورق: الصورة 1 يمكن أن يتجعد الورق الذي يُطوى عكس اتجاه الألياف مشكلاً ثنيات غير مستوية، كما أن الورق الذي يتم ترطيبه باستخدام مادة لاصقة يتمدد أكثر وأكثر على عرض اتجاه الألياف بأكثر مما يتمدد على طوله. ولتحديد اتجاه الألياف فى التوريدات, يمكن تقويس الورق في كلا الاتجاهين, وسوف يُظهر اتجاه الألياف مقاومةً أقل. وهنالك اختبار بسيط آخر يمكن إجراؤه عن طريق تمزيق الورق في كلا الاتجاهين، فسيتمزق الورق بسهولة أكبر على طول اتجاه الألياف.

ونظراً للمعدل المزعج لتلف الورق الحديث، تم بذل كثيرا من الجهود لتطوير ورق مستقر كيميائياً، قائم على الأنواع القلوية المقواة في الأساس. وفي السنوات الأخيرة، اهتمت معظم دول الغرب بإنتاج الورق القلوي. ونظراً لأن عمليات تصنيع الورق التي تنطوي على عمليات معالجة قديمة للأحماض تتسبب في تلوث المجاري المائية والجو والتربة، فقد دفعت اللوائح الحكومية صناعة الورق نحو إجراء عمليات معالجة أكثر نظافةً وأقل تلويثاً.

ولذلك فكثير من الورق الذي يتم إنتاجه في الوقت الحالي في الدول الصناعية هو ورق غير حمضي، بل قلوي. ومع ذلك فلا يزال ورق الخشب الأرضي الرخيص يصنع لغرض طباعة الجرائد وبعض الاستخدامات الأخرى غير الدائمة. ويتلف هذا الورق سريعاً، مما يؤدي إلى ظهور مشكلات "الورق الهش" في المكتبات على مستوى العالم. وتُعتبر هذه المشكلات حادةً في الدول المتقدمة على وجه الخصوص، حيث يكون كثير من إنتاج ورق الكتب حامضياً، ويكون الجو غير مناسب.

المخاوف بخصوص الحالة

يتأثر الورق بشدة بالبيئة المحيطة. فمن السهل تعرضه للتلف بسبب الرطوبة العالية ودرجات الحرارة المرتفعة، التي تعجل من تدهوره كيميائياً. ويتلف ورق عجينة الخشب الأرضي سريعاً بسبب المواد الكيميائية التي يحتوي عليها وبوجه خاص— الأحماض ومادة اللجنين —ويصير هشاً بسرعة. وقد تسبب انتشار استخدام ورق عجينة الخشب الأرضي، مع قصر وضعف الألياف ومستوى الحمضية العالي, فى حدوث مشكلاتٍ خطيرةً للمكتبات ومخازن الأرشيف التي يتعين عليها حفظ مواد تصبح بسرعة هشة وغير مستقرة. ويمكن أيضاً أن يتلف الورق المصنوع من عجينة الخشب الكيميائي أو حتى من الأسمال بسبب الاستخدام الضار لمواد التبييض ومواد التغرية، مثل مركبات راتينج الألومنيوم. ونظراً لأنه قد تم إنتاج‏ كمية كبيرة من الورق على مستوى العالم من الخشب الأرضي بعد عام 1860، فإن كافة المكتبات ومخازن الأرشيف تواجه أزمة كبرى فى الحفظ.

الاختبارات التشخيصية

هنالك العديد من الاختبارات التي تساعد على تحديد عمر الورق ومكوناته، وكذلك التحقق من خواص الاستقرار الأساسي للمواد الواقية، مثل حافظات الملفات. ولاختبار استقرار المواد الواقية أهمية خاصة لأن الحافظات الحمضية، والمحافظ, والصناديق, وما شابه قد تؤدى إلى تدهور محتوياتها من خلال انتقال الأحماض. وقد يحدث تدهور سريعٌ بسبب الفشل في استخدام الطرق الكيميائية لمعادلة الأحماض في الورق أو تحييدها، أو في توظيف التسكين والتخزين المستقرين كيميائياً (المحايدين للأحماض أو المقاومين لها). ومن الممكن أن يبطئ التسكين القلوي من سرعة التدهور بشكل كبير.

وعند شراء منتجات تسكين الورق أو الكرتون، فمن الأهمية بمكان التأكد من أنها مستقرة كيميائياً من خلال إجراء بعض الاختبارات البسيطة، سواء كانت شركة البيع تعلن أو لا تعلن عن منتجاتها بصفتها "سليمة ومناسبة لمخازن الأرشيف" أو "خالية من المواد الحمضية" والاختباران الأساسيان للحمضية ولمادة اللجنين هما:

اختبار الحمضية

اختبار pH - هنالك عدة طرق لاختبار الخواص الحمضية للورق هي: اختبارات تحليل الحجم من خلال الاستخلاص البارد والساخن (تتطلب هذه الاختبارات عينة هالكة، ومقاييس pH ووسط محكوم تماماً) واختبارات pH للأسطح. ويمكن إجراء اختبارات الأسطح باستخدام أقلام pH، أو سائل كيميائي، أو أشرطة pH. وعلى سبيل المثال، يتطلب اختبار قطعة من حافظة الملفات توفر المواد التالية: 10 سنتيمترات مربعة من المايلر (فيلم بوليستر) وورق نشاف, وقطَّارة (أو حاوية شبيهة) تحتوي على ماء مقطر، وأشرطة pH.

1. ضع قطعة من المايلر (Mylar) تحت المنطقة المراد اختبارها وقم بصب قطرة من الماء المقطر على الحافظة على بعد 5 سنتيمترات من أية حافة. الاختبارات التشخيصية: الصورة 1
2. ضع الجانب الملون من شريط اختبار pH المناسب على المنطقة الرطبة من الحافظة. وأكثر المجالات فائدةً هي 4-7 و5-10. وبالنسبة للخام الذي من المحتمل أن يكون حامضياً، استخدم المقياس 4-7. وبالنسبة للخام المعروف بخلوه من المواد الحمضية، استخدم المقياس 5-10. الاختبارات التشخيصية: الصورة 2
3. ضع قطعة من المايلر على الشريط للتأكد من أنه ملامس تماماً لسطح الورق. الاختبارات التشخيصية: الصورة 3
4. إذا كان الورق أو الكرتون المراد اختباره سميكاً أو يحتوي على غلاف ظاهر على السطح، قم بتقشير جزء من الطبقة الخارجية واختبر ما تحت هذه الطبقة للحصول على قراءات أكثر دقةً. الاختبارات التشخيصية: الصورة 4
5. بعد مرور 30 ثانيةً تقريباً، خذ شريط الاختبار وقارنه بكود اللون الموجود على الصندوق. فهذا من شأنه أن يعطيك قراءة واضحةً. وفي حالة اختبار صفحة من كتاب، ضع قطعة من الورق النشاف فوق منطقة الاختبار الرطبة وتحتها لعدم تلف الصفحات المجاورة. الاختبارات التشخيصية: الصورة 5
تعتبر قراءة رقم 6 فأكثر لمستوى pH قراءةً مقبولةً عموماً ولكن من الأفضل قراءة 7 فأكثر. تعتبر القراءات تحت 6 غير مقبولة بالنسبة للمواد التي تلامس المواد النادرة أو الفريدة أو تحيط بها. الاختبارات التشخيصية: الصورة 6

الاختبارات التشخيصية: الصورة 7

اختبار اللجنين - اللجنين هو بوليمر غير محدد الشكل يشكل 32 بالمائة من الخشب ويعمل كمادة مثبتة للأبعاد عن طريق جعل ألياف السليولوز. صلبة ولكن عند تأرض الخشب وتحويله إلى عجينة لصناعة الورق، يصبح اللجنين مادة غير مستقرة ويتسبب في تعتيم لون الورق، خصوصاً في وجود الضوء. كما أنه قد يزيد من مستويات الحمضية. ويمكن إزالة اللجنين من ورق عجينة الخشب من خلال استخدام المواد الكيميائية ومواد التبييض، خصوصاً مع عملية إضافة الكبريت.

والاختبار الكيميائي لمادة اللجنين باستخدام عينة هالكة يمكنه تحديد النسبة المئوية لمادة اللجنين في الورق. كما يمكن إجراء فحص بسيط للتوريدات والحاويات باستخدام قلم اختبار اللجنين، الذي يتحول إلى اللون البرتقالي الساطع عند وجود اللجنين.

قراءات متعلقة بالموضوع

المعهد القومي الأمريكي للمعايير القياسية. معايير ANSI. [http://www.ansi.org].

Baker, D. 1991. "فن صناعة الورق عند العرب." القائم على صيانة الورق 15: 28-35.

Barrett, Timothy. 1993. فن صناعة الورق عند اليابانيين: العادات والأدوات والأساليب. نيويورك: Weatherhill.

Clapp, Verner. 1972. "قصة الورق الدائم/المتين." Restaurator, pp. 1-51.

Dean, John F. 1989. "الكتاب ذاتي التدمير." Encyclopedia Britannica: الكتاب السنوي للعلوم والمستقبل 1989.

Shahani و Chandru J وWilliam K. Wilson. 1987 "حفظ المكتبات والأرشيف". American Scientist (مايو-يونيو): 240-51.

العودة