التحكم السلبي فى المناخ

نظراً للتكاليف العالية للطاقة وعدم فاعلية التدفئة والتهوية والتكييف (HVAC) فى كثير من المكتبات ومخازن الأرشيف، فهنالك اهتمام كبير فى الوقت الحالي بأنظمة التحكم السلبي فى المناخ. ففي المناخ الاستوائي، يمكن أن تكون لأنظمة التدفئة والتهوية والتكييف (HVAC) آثاراُ خطيرة ضارة، خصوصاً إذا تعذر تشغيلها بصفة مستمرة. وعموماً، يتم استخدام أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف (HVAC) لتبريد المساحات، ولكنها لا تعمل جيداً في الأجواء ذات الرطوبة العالية مثل أجهزة إزالة الرطوبة على ضمان التحكم الفعال في المناخ، ويجب أن يتم استخدامها كثيراً مع أجهزة إزالة الرطوبة. وعندما يتعذر استخدام التدفئة والتهوية والتكييف (HVAC) بصفة مستمرة—كما يحدث عند إيقاف تشغيلها ليلاً أو في عطلات نهاية الأسبوع—, ترتفع درجة حرارة الهواء ويحدث تكثف على أسطح الكتب والأرفف والجدران الأكثر برودة، مما يؤدى إلى نمو العفن.

وهنالك مشكلة أخرى هي استخدام التدفئة والتهوية والتكييف (HVAC) للحفاظ على درجتي حرارة ورطوبة منخفضتين فقط فى منطقة منعزلة من المكتبة أو الأرشيف، مثل قبو الكتب النادرة. وعند إخراج الأشياء الباردة من القبو إلى منطقة غير خاضعة للسيطرة ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتين، يحدث تكثف على هذه الأشياء وعلى الجدار الخارجي للقبو معاً، مما يتسبب فى نمو العفن، كما يحدث تلف إنشائي بالجدار.

المبنى المستدام

يرتبط التحكم السلبي في المناخ بحركة المبنى المستدام، وكان هنالك اهتمام كبير بهذا المجال على مر السنوات الماضية مع ارتفاع تكاليف الطاقة وزيادة الاهتمام بالقضايا البيئية. ويتم تصميم المباني المستدامة وإنشاؤها بطريقة تحقق توفيراً فى الطاقة وتخلق مناخاً داخلياً يمكن تحمله. وتوجد هذه المباني في المواقع التي توفر مناخاً مصغرا جيدا، ويتم تصميمها بحيث تنظم اكتساب وفقد الحرارة (مثلاُ، من خلال التصميم السلبي للطاقة الشمسية) ولتنظيم وتحسين سريان الهواء. وعند تصميم مبنى مستدام، فهنالك مسائل هامة يجب وضعها في الاعتبار هي الموقع (على سبيل المثال، اتجاه المبنى بالنسبة للرياح والشمس)، والظلال الطبيعية (الأشجار والتلال والمباني الأخرى)، والملاذ (من العواصف الاستوائية)، ومواد الإنشاءات (الجدران المفتوحة والخفيفة فى المناطق الاستوائية الرطبة، والجدران السميكة فى المناطق الاستوائية الجافة).

تصحيح أخطاء التصميم

رغم أن العديد من المكتبات ومخازن الأرشيف موجودة في مبانٍ ذات تصميمات سيئة، إلا أن هنالك خطوات يمكن اتخاذها للحد من امتصاص الحرارة والتلف بسبب الضوء وتحسين سريان الهواء بشكل كبير. ولسوء الحظ، ففي بعض الحالات يتم استبدال المباني التي تم إنشاؤها قبل عصر أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف (HVAC) بمبانٍ "حديثة" محكمة الإغلاق. وغالبا ما يعمل المبنى التقليدي جيداً ويستجيب للظروف المحلية، بينما لا يمكن أن يستوعب المبنى الحديث محكم الإغلاق الظروف المحلية، إذا كان يحتوي على نظام للتدفئة والتهوية والتكييف (HVAC) يؤدي وظائفه بشكل سيئ. كما يمكن أن يكون السريان الجيد للهواء هو المفتاح الأساسي للحفاظ على مناخ يمكن تحمله لأن الهواء المتحرك يقلل من الرطوبة ولا يشجع على تكون العفن.

وفى بعض الحالات، تحتوي المباني القائمة على أخطاء في التصميم ينتج عنها مشاكل بيئية خطيرة. ومن المشاكل الشائعة "الرطوبة الصاعدة"، وهي حالة تصعد فيها الرطوبة الأرضية لأعلى عبر جدار طوب أو لوح أرضية خرساني ومن الممكن أن تتلف الرطوبة الأرفف وتزيد من رطوبة بالمبنى

وفى حالة الجدار المبنى من الطوب، فقد يخفف مانع الرطوبة من هذه المشكلة. ومانع الرطوبة هو حاجز مضاد للماء يوضع عبر جزء من الجدار فوق مستوى الأرض مباشرةً لمنع صعود الرطوبة عبر الأحجار المسامية. وفي حالة اللوح الخرساني، يمكن أن يساعد وضع مانع الرطوبة بين الأرض والخرسانة على منع الرطوبة. ويمكن التفكير في الخطوات التالية عند محاولة تحسين مناخ أحد المباني التي لا يتوفر بها نظام للتدفئة والتهوية والتكييف (HVAC):
• قم بخفض اكتساب الحرارة عن طريق تغطية النوافذ الموجودة ناحيتي الشرق والغرب بشاش أو ستائر للسيطرة على ضوء الشمس المباشر.
• وقلل الحرارة من خلال استخدام النباتات المحيطة، مثل أشجار الظل.

تصحيح أخطاء التصميم: الصورة 1

• قم بزيادة حركة دوران الهواء عن طريق الاستفادة من النسيم، خصوصاً القادم من الجنوب والشمال، واحتفظ بالنوافذ مفتوحةً مع إبقاء الستائر عليها لمنع دخول الحشرات والطيور. ويجب إزالة الحواجز الخارجية التي تعوق حركة النسيم المحيط، وفي بعض الحالات يمكن تركيب مصدات خارجية تعمل على تحويل مجرى النسيم إلى الداخل عبر النوافذ.

تصحيح أخطاء التصميم: الصورة 2

• افتح أي منفذ أو نافذة صغيرة قريبة من السقف للمساعدة على دوران الهواء عبر النوافذ المفتوحة الأقرب إلى مستوى الأرضية. وقم بتحسين حركة دوران الهواء من خلال استخدام مراوح سقف إذا كانت متاحةً.
• وقلل من الحرارة الداخلة باستخدام ألوان عاكسة على أسطح السقف.
• قم بتقليل الحرارة القادمة من السطح عن طريق تركيب أسقف إضافية.
• وقلل من الرطوبة الشديدة باستخدام أجهزة إزالة الرطوبة.

تصحيح أخطاء التصميم: الصورة 3

• يمكن وضع موانع الرطوبة في مكانها عند قاعدة الجدران عن طريق إزالة الطوب تدريجياً وإدخال طبقة مضادة للماء، مثل الإردواز أو الإسفلت. وفى حالة وجود تجاويف بالجدران، يمكن تركيب فتحات تهوية عند قاعدة الجدار للسماح للهواء بالدوران عبر المكان.

تصحيح أخطاء التصميم: الصورة 4

• تأكد من السماح للهواء بالدوران بالكامل أسفل المباني المرتفعة من خلال إزالة الحواجز والتأكد من توفر الظروف الجافة.

المراقبة

المراقبة المستمرة لدرجة الحرارة والرطوبة هامة للغاية، سواء كان بالمكتبة أو الأرشيف أنظمة للتحكم فى المناخ أم لا. وفى المبنى المزود بنظام للتدفئة والتهوية والتكييف (HVAC)، يمكن مراقبة أداء النظام واتخاذ إجراء تصحيحي عند اللزوم. وإذا لم تكن المكتبة مزودة بنظام للتدفئة والتهوية والتكييف (HVAC)، فإن التسجيل الدقيق لدرجة الحرارة والرطوبة خلال كافة المواسم والظروف يمكن أن يوفر البيانات الأساسية اللازمة لتصميم نظام فى المستقبل، كما يمكنه أن يشير إلى المكان والزمان الذي يجب اتخاذ الإجراءات العلاجية فيه.

وتتكون المراقبة في أبسط صورها من تسجيل قراءات منتظمة لترمومتر وأحد أجهزة قياس الرطوبة، ثم معايرتها باستخدام مقياس لرطوبة الجو، وتدوين التغيرات خلال اليوم. وعلى الرغم من وجود أجهزة متطورة الوقت الحالي لفحص درجة الحرارة والرطوبة—مثل الأجهزة اليدوية المحمولة لقياس الرطوبة ودرجة الحرارة—إلا أنها كثيفة العمالة ولا تُستخدم ليلاً أو فى العطلات. وهذا أيضاً أحد العيوب الأساسية للترمومترات وأجهزة قياس الرطوبة المزود بقرص، وشرائط الرطوبة. وتعتبر أجهزة المراقبة الآلية، مثل أجهزة تسجيل نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة ومدخلات البيانات الإلكترونية, أكثر فائدة.

أجهزة تسجيل نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة

أجهزة تسجيل نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة: صورةجهاز تسجيل الرطوبة هو جهاز يقوم بتسجيل درجة الحرارة ونسبة الرطوبة من خلال رسم المستويات بقلمين على مخطط بياني ورقي مربوط باسطوانة دوارة. ويمكن تشغيل الأسطوانة باستخدام ماكينة الساعة، أو بطارية، أو من مصدر طاقة كهربية مباشرةً. وهنالك العديد من التصميمات، غير أنها كلها تشتمل على مخططات بيانية مقسمة إلى ساعات وأيام وأسابيع. ويتم ربط القلمين بذراعيين يتم تشغيلهما بواسطة ترمومتر معدني وحزم من شعر أو أغشية. ويتمدد الشعر أو الغشاء أو ينكمش ليقيس الرطوبة، بينما يسجل القلم مستوى ومعدل التذبذب على المخطط البياني المتحرك.

وفائدة تسجيل درجة الحرارة ونسبة الرطوبة هي أنها توفر سجلا بيانيا طويل الأمد للظروف، إن استخدمت بشكل سليم. ومن الممكن أن تكون عملية الصيانة شاقة ويجب المواظبة عليها للاحتفاظ بسجل دقيق. ويجب جمع أوراق المخططات البيانية وتغييرها كل أسبوع، وإعادة ملء القلمين بالحبر، واستبدال حزم الشعر أو الأغشية بانتظام عند التآكل والتمزق. ويجب إجراء معايرة مع مقياس لرطوبة الجو مرة كل شهر على الأقل.

مقياس رطوبة الجو

مقياس رطوبة الجو: صورةيوجد فى مقياس رطوبة الجو ترمومترين مدمجين لتحديد نسبة الرطوبة. يقيس أحد الترمومترين (البصيلة الجافة) درجة الحرارة المحيطة (بالغرفة)، أما الآخر (البصيلة الرطبة) فيتم تغليفه في مادة ماصة يتم ترطيبها بالماء المقطر. وللحصول على إحدى القراءات، يتم تمرير الهواء عبر مقياس رطوبة الجو لكي يبخر الرطوبة الموجودة على البصيلة الرطبة. ويتوقف معدل أو سرعة التبخر على مقدار الرطوبة في الهواء. وعند تبخر الرطوبة، يتم تسجيل قراءة لدرجة الحرارة على البصيلة الرطبة، لأن عملية التبخر سوف تبردها. ويتم بعد ذلك المقارنة بين القراءة الموجودة على ترمومتر البصيلة الجافة والقراءة الموجودة على ترمومتر البصيلة الرطبة، وتستخدم المقارنة في تحديد نسبة الرطوبة الفعلية.

وهنالك العديد من أنواع أجهزة قياس رطوبة الجو، أكثرها شيوعا فى المكتبات ومخازن الأرشيف هو النوع المتأرجح وهو فى نفس الوقت أرخصها وأكثرها سهولةً في التشغيل. ويدور الجهاز بسرعة لعدة دقائق لدفع الهواء من خلاله. ويجب معايرة أجهزة قياس رطوبة الجو نفسها من حين لآخر واتباع الإجراءات حرفياً للحصول على معلومات موثوق بها. وقد تكون القراءات الخاطئة بسبب البصيلة ذات الرطوبة الزائدة، والدوران البطيء، وتعرض الجهاز لضوء قوي، والتعامل معه دون ارتداء قفازات.

مدخلات البيانات

هناك ابتكار حديث نسبياً، هو مدخل البيانات، وهو يحظى بشعبية متزايدة بين أمناء المكتبات ومخازن الأرشيف لتكلفته المنخفضة (أقل من تكلفة جهاز قياس الرطوبة والحرارة) وملاءمته وسهولة تطويعه. وتتراوح مدخلات البيانات من أجهزة بسيطة تعمل بالبطارية، تقوم بتسجيل درجة الحرارة ونسبة الرطوبة التي يجب تحميلها بانتظام على جهاز كمبيوتر، وحتى الأجهزة المتطورة المتصلة بالإنترنت، التي يمكنها مراقبة عوامل مثل درجة الحرارة والرطوبة وكثافة الضوء والملوثات.

 

العودة